تعد مدرسة "الوابور" التي بدأت عام 1986 بقرية البياضية (المنيا)، أول تجربة لجمعية الصعيد في التعليم غير النظامي، حينما أراد الراهب التشيكي "أوجين" استثمار وقت فراغ بعض رعاة الغنم، وبدأ يجمعهم وقت الظهيرة داخل مبنى مهدوم لوابور مياه قديم ويعلمهم. وساعدته جمعية الصعيد في تنفيذ الفكرة بالإضافة إلى إمداده بسبورة وبعض الحصير، وتعد جمعية الصعيد أول من بدأ تجربة المدرسة الموازية في مصر، ثم نفذت بعد ذلك -مع هيئات أخرى- عدة تجارب منها مدارس الفصل الواحد والتعليم المجتمعي وغيرها لتعليم الأطفال المتسربين، واهتمت الجمعية أيضًا بتعليم الكبار من خلال فصول مكافحة الأمية التي تقوم على فلسفة باولو فريري من خلال منهج "تعلم تحرر". وقد تطور البرنامج عبر السنوات ليشمل: المدرسة الموازية ومواصلة التعليم الإعدادي ومكافحة الأمية ودعم المعرضين لخطر التسرب والحضانات غير النظامية.
ويهدف البرنامج إلى توفير فرص تعليم غير نظامي للذين لم يلتحقوا بالتعليم النظامي أو تسربوا منه - ومعظمهم من الفتيات والسيدات - وذلك في بيئة تعليمية ترتكز على المتعلم من خلال إتباع أساليب التعلم النشط والحوار. وتعمل الجمعية أيضًا على تنمية مهارات التعلم الذاتي لديهم، وبعض المهارات الحياتية والحرفية التي تمكنهم من تنمية ذواتهم، والحصول على حقوقهم الأساسية، والمشاركة في تنمية مجتمعهم.
رابعا - الحضانات غير النظامية:
تدير الجمعية عدد 2 حضانة غير نظامية في حجازة (قنا) ونقادة (الأقصر) تضم 54 طفل/ة (54% إناث)، ويتم تنفيذ برنامج تعليمي تكويني من مستويين لإكساب الأطفال مهارات القراءة والكتابة والحساب واللغة الإنجليزية، ويقوم علي استراتيجيات التعلم النشط الذي يشمل اللعب والأغاني والتربية من خلال الفن والرسم والموسيقي والتشكيل بالصلصال وكتابة القصة، ويتم عمل حفل استقبال في بداية الدراسة، وحفل تخرج للأطفال في نهاية العام، وتهتم الحضانات بمشاركة أولياء في عملية التربية.
مشروع ابنتي الغالية
تنفذه جمعية الصعيد هذا المشروع بتمويل من هيئة كوبتك أورفانز، في قرية نجع الصياغ بالأقصر، ويستهدف المشروع 50 أسرة فقيرة ممن لديهم فتيات عرضة للتسرب من التعليم، ويعمل على إحداث تعاون بين أختين: الأخت الكبرى (فتاه من المجتمع في مرحلة التعليم الجامعي)، والأخت الصغرى (فتاه من نفس المجتمع بمرحلة التعليم الابتدائي معرضة للتسرب من التعليم). وتنظم الأخت الكبرى العديد من الأنشطة التعليمية والاجتماعية التي تساهم في تحسين المستوى التعليمي للأخت الصغيرة، وتشجعها علي الاستمرار في التعليم، فضلا عن معايشة القيم الإنسانية والمهارات الحياتية التي تساعد على تطورها الشخصي والدراسي.
قصة نجاح
ملك علي أحمد (طفلة)، كانت تخرج لتسول في مركز الغنايم بأسيوط ومظهرها مهمل وتعاني من قلة النظافة، وكانت تقف أمام المدرسة الموازية التابعة لجمعية الصعيد بالغنايم تراقب وتتسول، وفي يوم دعتها إحدي المنسقات للدخول المدرسة لتستكشف الأمر، مقابل أن يعطونها ما تطلبه، دخلت ملك وبدأت تتلفت حولها وتراقب بحذر الفصول والمنسقات والطالبات، ودار حوار بينها وبين المنسقات وانتهي الامر بإقناع ملك بالحضور إلى المدرسة مثل البنات اللَّاتِي في نفس عمرها، وقامت المنسقات ومعهم الراهبة سير نوال، بزيارة أسرة الطفلة ملك لإقناعهم بالموافقة على إلتحاق ابنتهم بالمدرسة، إلا أنهم رفضوا بشدة الموافقة على تعليم البنت حتى لا يمنعها ذلك من ممارسة التسول. وبعد عدة زيارات، ومحاولات، وافقت الأسرة على ذهاب البنت للمدرسة بعض أيام الأسبوع، وفي البداية ظهر من ملك بعض السلوكيات السيئة مثل الكذب والألفاظ البذيئة والعنف مع الجميع، إلا أنه - ومن خلال العمل معها - تغيرت شيئا فشيئا وأقلعت عن السلوكيات السيئة وأصبحت منتظمة في المدرسة ومحبة للتعلم. ملك الآن وصلت إلى الصف السادس الإبتدائي، كما أنها أقنعت أخواتها الستة، الذين يعملون بالتسول، بالتردد على المدرسة مثلها.