تحميل...
إلغاء التحميل المسبق

الخروج إلى النور.. مارينا من العزلة إلى المشاركة

مارينا عاطف، فتاة في الثانوية العامة وعمرها 18 عامًا من ذوي الإعاقة، تعيش في قرية "صدفا" بمحافظة أسيوط. 

تقول مارينا إنها لم تكن تشارك من قبل في أي أنشطة، فهي فتاة من قرية صغيرة حيث يُعامل المجتمع هناك الفتيات – وبالأخص الفتيات من ذوي الإعاقة – معاملة قاسية للغاية.  وتوضح أن الأمر يختلف من شخص لآخر داخل الأسرة نفسها؛ فوالداها كانا داعمين ومشجعين لها دائمًا، بينما كانت جدتها رافضة تمامًا لفكرة خروجها أو مشاركتها، وكانت تكرر عليها: «إنتِ بنت، ومش من حقك تروحي… ومراكز الشباب دي للولاد بس».

حين تواصلت معها الجمعية وأخبروها أن المشروع موجه لخدمة ذوي الإعاقة، وأنه قد يفيدها ويفيد كثيرين غيرها، شعرت بتردد شديد في البداية، كانت فكرة التحرك، والخروج من البيت، والحديث عن إعاقتها أمرًا مرفوضًا بالنسبة لها تمامًا، لكنها بعد فترة قررت أن تخوض التجربة، على أمل أن تستفيد، وبالفعل حين جاءت وجدت نفسها تستفيد بشكل كبير.

لاحقًا، تم اختيارها لتكون مسؤولة عن السكرتارية داخل المشروع، وهو ما شكل نقطة تحول مهمة في حياتها، تقول مارينا إنها شعرت وقتها بأن هذه مسؤولية كبيرة وثقة حقيقية وُضعت فيها، وهو ما زاد حماسها وأشعرها بالفخر. فبعد أن كانت تخاف من الخروج، أصبحت تمثل فئة ذوي الإعاقة، تشارك في النقاشات، وتعبر عن رأيها بثقة.

وتحكي مارينا أن المشروع ضم أشخاصًا من ذوي الإعاقة لم يُلحقهم أهلهم بالمدارس من الأساس، بسبب فكرة منتشرة مفادها أن "طالما ربنا خلقك معاق يبقى لازم نخبيك عن الناس". وتذكر أحد الأمثلة لأحد جيرانها، "أهله كانوا يُخفونه عن الناس ولم يدخلوه مدرسة، ونادرًا ما كان يخرج وعندما تحدثت معه قال لها يابختك إنك خدتي الفرصة وخرجتي". وقتها تشجعت مارينا وتحدثت مع والدتها لتحاول إقناع والدته، وبالفعل اقتنعت وسمحت له بالمشاركة معهم في المشروع.

أما عن مشاعرها قبل الانضمام للمشروع، فتقول إنها كانت مشاعر سلبية للغاية، كانت تكره أي شخص يصفها بأنها من ذوي الإعاقة، ولم تكن تخرج من البيت نهائيًا، وحين كانت والدتها تحاول إقناعها بالخروج، كانت ترد عليها "أخرج ليه علشان الناس تتنمر عليا ويقولوا عني معاقة"، لكن بعد انضمامها لأنشطة المشروع تؤكد أن جمعية الصعيد ألغت هذه الفكرة تمامًا من عقلها، تقول " قالولي أني زيي زي كل الناس مش ناقصني حاجة، وأن الاختلاف الوحيد هو طريقة التفكير وطالما تعلمت كيف تتعامل مع المجتمع، فلا بد أن يكون لها دور". وبالفعل اكتسبت ثقة كبيرة في نفسها، وأصبحت قادرة على التعبير عن رأيها بوضوح.

تتمنى مارينا أن يتعامل الناس مع ذوي الإعاقة باعتبارهم أشخاصًا غير ناقصين أي شيء، وأن تتوقف الحواجز التي يضعها المجتمع في التعامل معهم، فهي ترى أن الله خلق الناس مختلفين ومتنوعين، وأن هذا الاختلاف يستحق القبول دون نظرات شفقة، كما تحلم بأن يستمر المشروع، وأن يساهم بشكل أكبر في تمكين الفتيات وذوي الإعاقة، وتحلم أيضًا بأن تصبح طبيبة نفسية تساعد الناس، لأن المرض النفسي – من وجهة نظرها – هو أصعب الأمراض، ولأن كلمات الناس القاسية تترك أثرًا عميقًا بداخلها وتؤذي الكثيرين.